خطبة الجمعة المذاعة والموزعة
بتاريخ 11 من شعبان 1444هـ - الموافق 3 / 3 / 2023م
فَضْلُ شَهْرِ شَعْبَانَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ ذِكْرَهُ رِيَاضَ الصَّالِحِينَ، وَمُنَاجَاتَهُ غِذَاءَ أَرْوَاحِ الْفَالِحِينَ، وَالْخُضُوعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالتَّضَرُّعَ إِلَيْهِ عِزَّ الْعَابِدِينَ، وَالتَّخَلُّقَ بِالْأَخْلَاقِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالشَّمَائِلِ النَّبَوِيَّةِ شَأْنَ الْعَالِمِينَ الْعَامِلِينَ. أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمِهِ، وَأَسْأَلُهُ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً تُبَلِّغُ الْقَاصِدَ مِنْ فَضْلِهِ سُؤْلَهُ وَأَمَلَهُ، وَتُنِيلُهُ مِنْ بَحْرِ جُودِهِ مَا قَصَدَهُ وَأَمَّلَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، الْمُؤَيَّدُ بِأَنْوَاعِ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، الْمُكَرَّمُ بِالْمَكْرُمَاتِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَزَادَهُ فَضْلًا وَشَرَفًا لَدَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران:102]. أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ الْعَاقِلَ مَنْ تَأَمَّلَ مُرُورَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَانْصِرَامَ السِّنِينَ وَالْأَعْوَامِ؛ فَحَدَاهُ ذَلِكَ لِأَنْ يُبَادِرَ الزَّمَانَ وَيُسَابِقَ الْأَنْفَاسَ فِيمَا يُقَرِّبُهُ إِلَى سَيِّدِهِ وَمَوْلَاهُ جَلَّ وَعَلَا؛ فَهَا نَحْنُ وَلَجْنَا شَهْرَ شَعْبَانَ الَّذِي يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَوَجْهُ غَفْلَةِ النَّاسِ فِيهِ أَنَّهُ يَقَعُ بَيْنَ شَهْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ، وَهُمَا شَهْرُ رَجَبٍ الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرِ الصِّيَامِ، فَصَارَ مَغْفُولًا عَنْهُ، وَمِمَّا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ فِيهِ اسْتِحْبَابَ عِمَارَةِ أَوْقَاتِ غَفْلَةِ النَّاسِ بِالطَّاعَةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ أَجْرًا وَأَجَلُّ ذُخْرًا؛ فَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَالْمُرَادُ بِالْهَرْجِ هُنَا الْفِتْنَةُ وَاخْتِلَاطُ أُمُورِ النَّاسِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-: (وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَوْقَاتَ الَّتِي يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهَا مُعَظَّمَةُ الْقَدْرِ؛ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ بِالْعَادَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَإِذَا ثَابَرَ عَلَيْهَا طَالِبُ الْفَضْلِ دَلَّ عَلَى حِرْصِهِ عَلَى الْخَيْرِ، وَلِهَذَا فُضِّلَ شُهُودُ الْفَجْرِ فِي جَمَاعَةٍ لِغَفْلَةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَفُضِّلَ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَفُضِّلَ قِيَامُ اللَّيْلِ وَوَقْتُ السَّحَرِ خَاصَّةً).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْرِصُ عَلَى صِيَامِ شَهْرِ شَعْبَانَ وَيَحُثُّ عَلَيْهِ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي إِكْثَارِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ شَعْبَانِ: أَنَّهُ كَالْنَّافِلَةِ الْقَبْلِيَّةِ لِرَمَضَانَ؛ فَهُوَ يَتَهَيَّأُ لِرَمَضَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ لَا يَشْعُرُ بِالْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ: أَنَّهُ إِذَا طَالَ عَهْدُ الْإِنْسَانِ بِالصِّيَامِ شَقَّ عَلَيْهِ، وَحَتَّى تَرْتَاضَ النُّفُوسُ قَبْلَ وُلُوجِ مَوْسِمِ الْخَيْرَاتِ وَالْأُعْطِيَاتِ وَالنَّفْحَاتِ وَالْبَرَكَاتِ.
وَشَعْبَانُ إِنَّمَا سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لِتَشَعُّبِهِمْ فِي طَلَبِ الْمِيَاهِ، أَوْ فِي الْغَارَاتِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ شَهْرُ رَجَبٍ.
أَيُّهَا الْمُبَارَكُونَ:
إِنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَرَفْعُ الْأَعْمَالِ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ: أَوَّلُهَا: رَفْعٌ يَوْمِيٌّ، وَيَكُونُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ العَصْرِ وَصَلَاةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. فَيَسْأَلُ اللهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ عَنْ حَالِ الْمُصَلِّينَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِهِمْ، وَالْحِكْمَةُ مِنْ سُؤَالِهِمْ: إِظْهَارُ شَهَادَتِهِمْ لِبَنِي آدَمَ بِالْخَيْرِ.
ثَانِيهَا: رَفْعٌ أُسْبُوعِيٌّ: وَيَكُونُ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ؛ فَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» [رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
ثَالِثُهَا: رَفْعٌ سَنَوِيٌّ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَهُ الْحَمْدُ الْحَسَنُ وَالثَّنَاءُ الْجَمِيلُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاعْلَمُوا أَنَّ تَقْوَى اللهِ أَمْثَلُ طَرِيقٍ وَأَقْوَمُ سَبِيلٍ؛ ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا[ [الأحزاب:70-71].
مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ:
إِنَّ شَهْرَ شَعْبَانَ شَهْرُ مَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، وَسَتْرِ الْعُيُوبِ، وَإقَالَةِ الْعَثَرَاتِ، وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ؛ فَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَحَسَّنَهُ الْأَلْبَانِيُّ]. وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَصَحَّحَهَا الْأَلْبَانِيُّ «فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيُمْلِي لِلْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ، حَتَّى يَدَعُوهُ».
فَأَجَلُّ مَا يُسْتَقْبَلُ بِهِ هَذَا الشَّهْرُ: سَلَامَةُ الصُّدُورِ، وَطَهَارَةُ الْقُلُوبِ، وَتَزْكِيَةُ النُّفُوسِ، وَالسِّيرَةُ لَا تَطِيبُ إِلَّا بِصَفَاءِ السَّرِيرَةِ، وَنَقَاءِ الدَّخِيلَةِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ»، قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ، نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: «هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ» [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ:
إِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِقِيَامٍ، وَلَا نَهَارِهَا بِصِيَامٍ، وَيَنْبَغِي عَلَى مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ مِنْ رَمَضَانَ الفَائِتِ: أَنْ يُبَادِرَ إِلَى الْقَضَاءِ وَلَا يُؤَخِّرَهُ حَتَّى يَضِيقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ؛ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. فَبَادِرُوا -عِبَادَ اللهِ- إِلَى السِّبَاقِ فِي مَيَادِينِ الطَّاعَاتِ، وَمِضْمَارِ الْقُرُبَاتِ؛ لِيَدْخُلَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَقَدْ تَهَيَّأَ الْعَبْدُ تَهْيِئَةً إِيمَانِيَّةً، وَتَرْبِيَةً تَعَبُّدِيَّةً؛ فَيُدْرِكَ مِنْ حَلَاوَةِ الصِّيَامِ وَلَذَّةِ الْقِيَامِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الأَرْبَعَةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَالْأَئِمَّةِ الْحُنَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا طَيِّبًا، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَوُلَاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَلْبِسْهُمْ لِبَاسَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة